عندما تكتشف معنى الحياة، تفقد الرغبة فيها.
سأبدأ لكم من البداية حتى يكون لكم نفس منظوري
أدركت خطر الواقع الذي أعيش فيه قبل الوصول لسن 20 سنة. رأيت أن المدرسة ستأخذ مني 13 سنة دون أي جدوى مما أدرسه. فأنا بالنسبة لي، المدرسة تعلمك فقط كيف تتعايش مع مجموعة من الناس بمختلف آرائهم، وتعيش معهم أكثر من 8 ساعات يومياً، وتتعلم كيف تعتمد على نفسك، وتتعلم كيف تقرأ الحروف وتجمع الأرقام وتتقبل أفكار الغير. ولكن 13 سنة أكثر من اللازم. لذا أدركت أنني سوف أصل للعشرين ومن ثم سأبدأ دراسة المجال الذي سأعمل به، أي سيأخذ مني 4 سنوات أو أكثر. فسيكون عمرك 25 سنة، هذا إن لم تواجه مشاكل تؤخرك. فأغلبية الناس تصل لهدفها في 30، وهذا بالنسبة لي شيء سيء. لماذا؟ حسناً، من وجهة نظري سنعيش فقط 40 سنة. 10 سنوات لم تكن لنا، كانت للطفل الذي فينا، و10 سنوات أخرى لتعمل وتتعايش مع قوم غريب الأطوار، وتبقى لك 20 سنة تقسمها إلى 10 سنوات عمل و10 سنوات لتعلم أطفالك طريقة العيش الصحيح.
أي ستصل إلى 40 سنة وهنا يجب أن تكون مستقراً مادياً وحتى عاطفياً، وهذا شيء صعب تحقيقه في هذا الكوكب. نعم، في هذا الكوكب لا توجد اختلافات. كما يقول جميع العرب: حقوق الأجانب أكثر منا. ولكن على الرغم من هذا، حتى هم مسلوبون من الحرية الشخصية أكثر منا. فعلى الأقل نحن أحرار في أن نبني مستقبلنا من الصفر، وهم يولدون بمستقبل كامل ومستقر، مما يجعلهم يدركون معنى الحياة. أما نحن فندرك معنى الحياة، وما أدركته أنا جعلني أفقد الرغبة في الحياة. أي كنت أبحث عن معنى للحياة وعندما وجدته فقدت المعنى في الحياة، ولكن تراكمت الأفكار عني.
الجميع بجانب أكثر من 8 مليارات إنسان معك، كلهم يعرفونك ويستطيعون رؤيتك وحتى التكلم معك، ولكن لا أحد منهم سيعيش ما تعيشه رغم أنه نفس المكان. فالحياة تختلف وتتغير بأبسط التفاصيل. قد تجد توأماً ولكن أحدهما ينمو له شعر والآخر لا. هنا ستجد اختلافاً في شخصيتهما رغم أنه فقط شعر، ولكن كان كافياً لتغيير شخصيات الإنسان. وكذلك تفاصيل أخرى، لهذا السبب لن تعيش نفس الأشياء التي يعيشها الإنسان الآخر.
متى أدركت معنى الحياة ومتى فقدته؟
أدركت معنى الحياة حين رأيت أن كل من حولي يعتمد علي، وأني لي مكان محجوز ينتظر رحيلي وإلى أمري لأكون مكانه دون أي اختيار، وأوفر لمن حولي قوت يومهم ولبسهم وحتى مشاركتهم الأفراح والأحزان.
وفقدت المعنى للحياة عندما رأيت كل من يعتمد علي واقفاً كصنم يكرر نفس الكلمة: "أنا أثق بك وأعتمد عليك". ولكن لم أجد لثقتهم أو دعمهم أي فائدة، ولا أي فائدة صغيرة، سوى أنهم يذكرونني بأني إذا لم أنجح في حياتي وأكون شخصاً ناجحاً، أي شخص يملك المال، فلم أجد منهم حتى ظلالهم أو ذكراهم. فهم أصلاً لم يشاركوا معي أياً من ذكرياتي، فكل ما أتذكره هو سهر الليل وبكائي في وحدتي على مستقبل صعب تحقيقه بسبب انعدام القيود. فبدون قيود لم أستطع التحديد بين الشمال أو الجنوب، أو الطول والعرض. لم أعد أعرف أي من الكلمات صحيح وأي منها خطأ. لم أعد أعرف هل هي حقيقة كلمات أو فعل ملموس. لم أعد أعرف هل هو حب أو تبادل مشاعر وأحزان، أو استقبال وتقبل شخص بدون فائدة.
أدركت أن بين كل 100 شخص تجد شخصاً واحداً يحاول الحفاظ على 99 شخصاً الذين معه، أما الـ 99 شخصاً فهم مستعدون ليقولوا "نحن ندعمك" وأيضاً مستعدون للرحيل في فشلك. لما هنا فقدت معنى الحياة حتى اكتشفت شيئاً واحداً: نحن نلقى في البحر، ومن الطبيعي أن تتعلم السباحة كي لا تموت. وكذلك ستتعلم ألا تقترب من شخص يغرق فقد يغرقك معه تماماً مثل الحياة. فالحياة بحر لا يوجد شخص يطير أو شخص يغوص، يوجد شخص متوازن بين الماء والهواء، نصف يتنفس ونصف يعوم. فلا شخص كامل، والبحث عن الكمال يقود لما هو غير موجود أصلاً.
الحياة هي حياتك، فكن لنفسك ولا تكن لغيرك. فإن تكن لنفسك، فعندما تتعلم أن تتصرف وتفعل ما يرضي نفسك لا يغرك، ستفقد معنى الحياة ومعنى أن يكون لك عائلة أو أصدقاء. فأنا لم أعد أؤمن بالعائلة أو الأصدقاء. فأنا مسؤول عن بكاء الليل والصراخ الصامت وشيب رأسي في سن ما زالت أعضائي تتجدد. أي إن وصلت لسن الشيخوخة كيف سيكون لون شعري؟ وهل سيكون لدي شعر أصلاً؟
بعد أن فقدت معنى الحياة، أصبحت شخصاً لا يستقبل أبداً، أنا أعطي فقط. كن قوياً فكلنا نعلم لا أحد سيعطيك أو ستعطيه. نحن في نفس الغرفة نعاني من نقص فينا رغم أن لكل منا جوانب أخرى لديه فيها الفائض. ولكن لما لم نتعاون؟ لما نخاف ألا نجد مستقبلاً جيداً لنا ولأطفالنا ونحن كلنا في نفس المكان؟ نحن خائفون مما حولنا، خائفون من أحبابنا وأقاربنا، خائفون من أن نكون لهم لا لنا. نحن نعلم ونعلم جيداً أن الفرصة تأتي من شخص لا يحمل في قلبه رحمة. وهنا ستعرف لما كل أصحاب القيادة والقوة لا يملكون قلوباً، لأنه لا يوجد شخص سيء، يوجد شخص اكتشف معنى الحياة وتصرف بدون نفاق، فيصبح لسانه صريحاً لا يقول سوى الصراحة، وقلبه لا يغرق في الحب. فلا فائدة من الحب الوحيد في هذه الحياة سوى أن تحب نفسك. فقرينك يحاربك كلما ابتعدت عنه تقربت منه وكن واحداً، فهو ليس سيئاً، هو على صواب. حتى الشيطان لم نستحق أن يسجد لنا، فهل تعتقد أنك تستحق أن يسجد لك شيطان وأنت لا تسجد لرب العالمين؟ هو شيطان يؤمن بالله ويصلي على الله، ولكنه يعلم أنه لا خير في الإنسان، لو كان فيه خير لكان مع نفس قومه. كل المخلوقات متحدة، فلن تجد شجراً تحاول أن تكون فراشة أو قطة تحاول أن تكون ذئباً. فالطبيعة تعرف كل شيء على حقيقته. أما الإنسان بملابس جديدة وأنيقة تتغير قصة حياتك ومسار مستقبلك، وبرائحة عطر جميل تنتشر أفكار إيجابية عنك، وبعضلات مفتونة تأخذ هيبة واحترام، وبعقل متفتح تأخذ غرفاً سوداء حتى الفراغ لم يستطع البقاء فيها. الإنسان يفعل فقط ما هو لمصلحته. حتى والديك يشترون لك الملابس ليتباهوا بمالهم، ومن لا يملك المال سيتباهى بك في مكانتك أو عملك. وإن لم تعلم أو كانت طريقك للعمل صعباً فأنت حر وتعرف ما تفعل، فأنت لم تعد شيئاً يفتخر به.
أدركت أن آباءنا ينتظرون منا أن نفعل شيئاً مستحيلاً دون أي دعم منهم، ويتخفون وراء "يجب أن يتعلم الاعتماد على نفسه" وهم هم الذين لم يجدوا فيك فائدة للخير. فلا أحد يعمل ما تعلم، ولا أحد سيعلم ما علمته يوماً. فلا عالم من العلماء أو الكتاب استطاع أن يعبر ويكتب بطريقة صحيحة كما هي في أفكاره. لذا حقيقة نملكها لكوننا، ولكن لا أحد وجد طريقة تعبير صحيحة. إن وجدت، ليدرك العالم كله معنى أن يكون إنساناً، مثله سلطة على سلب حريتهم والتحكم في مصيرهم.
مقولاتي قبل أن أنهي كلامي الذي لم أكد حتى أن أبدأ فيه:
لا تنتظر من أي أحد كيفما كان دعماً، ولا تجعل أحداً ينتظر منك شيئاً ما. قدّم مصالحك وعندما تصل لهدفك تذكر أنك لم تصل وحدك، بل سبب وصولك هم الناس الذين لم يساعدوك. وإن لم تصل فاعلم أن السبب الذي جعلك تفشل هو انتظارك لمساعدتهم.
هم في كلا الحالتين لن يساعدوك، ولكن الفرق في تفكيرك. لا تنتظر ولا تتوسل، توسل للإله الواحد. فحتى الأوكسجين يخدمنا في سبيل الله وبأمره. تخيل معي أن حتى ذرات الإلكترون والفوسفات وأي مادة أو مكون في العالم هو مخلوق ينفذ أوامر الله وبقي على حاله إلى ما بقيت هذه الدنيا. كن أنت فقط، كن إنساناً فقط. فالإنسان لم يكن يوماً موظفاً أو متقاعداً أو متطوعاً أو مستثمراً أو ملكاً أو وزيراً. الإنسان كان عبداً لله. كن لله تكن في خدمتك جميع مخلوقات الله.
ليكن يومكم هذا آخر يوم من أيام الجهل، وكن لنفسك عالماً. فلا أحد عالم عن هي نفس الفكرة ولكن طريقة طرح الفكرة قد تجعل الفكرة مختلفة ومتناقضة. لذا حلل بعقلك وفكر بقلبك وافعلها بيدك وامشِ لها بقدمك، ولا تكن مثالاً على شخص مثالي، كن إنساناً فقط.
لا تحاول إغراءهم، فلا أحد يعرف ما تفعل ليلاً أو ما تشعر به في كل صباح.
فقط تخلَّ عن الناس، تخلَّ عن الناس وكن لنفسك. فلحظة سيشعر كما تشعر، وعندما تكتشف معنى الحياة ستفقد الرغبة فيها."
مرحبًا بك! يسعدني قراءة رأيك أو ملاحظتك. رجاءً احرص على احترام الآخرين وتجنّب التعليقات العشوائية أو المسيئة.
سيتم مراجعة التعليقات قبل النشر لضمان الجودة. شكرًا لتفاعلك!